آيات الله في حماية الكائن الحي لنفسه
تاريخ المقال : 24/6/2010 | عدد مرات المشاهدة : 1443
عندما تلدغ الحية الذئب يسرع إلى مضغ جذور اللوف العطري، مضغ الواثق من الشفاء به فمن هداه وعلمه أن في جذور اللوف العطري الشفاء.
بقلم المرحوم الداعية عبد الرزاق نوفل
قال تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف:105).
وقال الله تعالى:(وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ )[الشورى : 29].
قال الله تعالى:(وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [الجاثية : 4].
إن الآيات الدالة على وجود الله وقدرته وتصرفه في الكون أكثر من أن تحصى ولكن تحتاج إلى عقل متدبر وسوف نتناول بعض الآيات لعلها تكون شفاء لما في الصدور من شك وريبة.
يقول العلماء إن ما يتخذه الجسم داخلياً من طرق الحماية لمما يؤكد على وجود الله سبحانه وتعالى، يقول الدكتور " والتركانن " العالم الفسيولوجي : أنه لو أنك عرفت كثيراً من أسرار الجسم البشري، لعجبت كيف يمرض أحد من الناس : ففي داخل الجسم دنيا قائمة تتصرف بإلهام واضح في دفع المرض، بل المحافظة على صحة الكائن بما يعجز عنه أي طبيب . ويقرر الأطباء أنهم في علاجهم، إنما يحاولون تقليد ما يجري داخل الإنسان نفسه، وأن العقاقير التي يصفونها إنما لمساعدة الداخل فيما يقوم به ... دون أن يكون للإنسان أي فضل فيه بل حتى معرفته !!!
و إذا كان الإنسان يعتبر لذلك أوضح الأمثلة، على ما يقوم به لحماية نفسه خارجياً، بالحرب والسعي والفكر والكر، والعمل والراحة ، وأخذ الدواء ـ وداخلياً حيث لا دخل له ـ بارتفاع الحرارة، وتكوين الأجسام المضادة، وهجوم كريات الدم، فإن الحيوان ليعبر أيضا من أروع الأمثلة التي تظهر لنا بوضوح قوة ما تتخذه الحياة في حماية الحيوان ؟
يقول الدكتور " ارشبيولد تلدج " انه بينما كان يمر ومعه أحد الحيوانات الوحشية التي استأنسها، جرح سلك شائك ذلك الحيوان في جنبه جراحاً غائرة، فسارع الدكتور إلى غسل الجرح بمطهر وربطه بالضمادات، وما هي إلا برهة، حتى وجد الحيوان قد نزع الضمادات وألقاها، وجعل يلعق الجرح برفق حتى يبعد الشعر الذي يغطي الجرح، وتركه معرضاً للهواء والشمس . وظل الحيوان يتعهد جرحه، حتى برىء
و يقول هذا الدكتور أيضاً، أن قدماء الهنود الحمر وأسلافنا قد اهتدوا إلى معرفة أصول الطب، بمراقبة الحيوانات وهي تسعى إلى النبات الذي تتداوى به من جرح، أو حمى أو سوء هضم، وبملاحظتهم الدب الذي أصابه المرض وهو ينبش الأرض باحثاً عن جذور نبات السرخس، وبرؤيتهم الذئب الذي لدغته الحية وهو يسرع إلى مضغ جذور اللوف العطري، مضغ الواثق من الشفاء به .
وعرف عن الحيوانات والطيور، أنها تأخذ مكانا ظليلا باردا طلق الهواء قريبا من الماء، إذا أصابته الحمى، بينما تأخذ لها مكانا شرقيا دافئا تسطع فيه الشمس إذا ما أصابها البرد . كما لوحظ عنها أيضا أنها إذا أصابها شعور بفساد ما أكلته أو إذا أقتضى أمر شفائها إخراج ما بجسدها عمدت إلى نباتات مسهلة تعرفها أو تمكنت من القيء بنفسها وكثيراً ما شوهد أن الطيور والحيوانات، إذا ما أصاب أحد قوائمها خلع أو كسر، بترت هذا العضو المكسور بنفسها فورا ًفتشفي حالا .هذا ويعرف أهل الغابات أن دجاج الأرض إذا انكسرت بنفسها ساقه، يتخذ له جبيرة من الطين، وقد يقويها ببعض ما يجده من ألياف.
الفيلة في الغابات، لا تسير فرادى إطلاقا إلا الأفراد الذين حكم عليهم بالشرود وجماعة الفيلة يتقدمها دليلها إلى الماء أو الغذاء
و كلنا نرى الطيور وهي تنظف منقارها في الحائط أو الأغصان وإذا صادفك نسر بعد أن يكون قد تناول غذاءه، لتعجب حينما تراه يكرر تنقية منقاره وتنظيفه أكثر من مرة .
و تستحم الطيور والحيوانات في مواقيت معينة لا تحيد عنها أبدا، وقد عرف أنها تستحم لا لتنظيف أبدانها فقط، بل لتجدد نشاطها.
و إذا كان هذا هو ما يحاوله الكائن الحي للمحافظة على نفسه، فإن هناك العديد من الأدلة، على أن النوع نفسه يتخذ من ضروب الحيطة والحذر للمحافظة على أفراده، ما يجعل الإنسان يؤمن بوجود قوة علوية ترعى كافة الكائنات على اختلاف أنواعها .
فكل الحيوانات والطيور التي تسير في هيئة جماعات، تتخذ من بعض أفرادها خفراء يحرسونها، وأدلة يكفون الطريق لها . وليس ذلك عن مصادفة بل عن قصد وتدبير، فإن الفيلة في الغابات، لا تسير فرادى إطلاقا إلا الأفراد الذين حكم عليهم بالشرود وجماعة الفيلة يتقدمها دليلها إلى الماء أو الغذاء . وأسراب الطيور في سيرها، يحرسها أكبر ذكورها، ويسير في مؤخرتها ضعافها، بينما الظباء تسير حراسها في الخلف لأن الذئب وهو أخطر الحيوانات عليها لا يهاجم القطيع إلا من خلفه .
و تظهر قافلة الاكتشاف واضحة في الجراد، فإن المقدمة التي تسير لتكتشف الطريق لا تزيد على بضعة أفراد وهذه تكون إنذارا بسرب الجراد الذي قد يغطي مساحة ألفي ميل مربع .
المصدر : كتاب " الله والعلم الحديث " بقلم عبد الرزاق نوفل الناشر العربي الطبعة الثالثة 1393هـ 1973