تحدثت أمس عن الأسرار الخمسة في أداء برشلونة والتي أراها العوامل التي تلعب الدور الأبرز في كون الفريق هو الأفضل في العالم حاليًا، ولكن البعض رأى أن توقيت المقال لم يكن سليمًا نظرًا لتعادل الفريق الكتالوني أمام ريال سوسيداد ثم الميلان وأن الوقت حاليًا يدفع باتجاه الحديث عن سلبيات الفريق لا إيجابياته.
نعم، هناك سلبيات في أداء البارسا وقد سبق وتحدثت عن بعضها في إحدى حلقات "أيام الميركاتو" خاصة فيما يخص الشق الدفاعي والمهاجم الحاسم وأيضًا سبق لي الحديث عن نظام الطوارئ المفترض تواجده في الفريق لمواجهة الفرق التي تُجيد الدفاع، لا أحد يُنكر تلك السلبيات وإن اختفت في جُل مباريات الدوري الإسباني نظرًا للاحترام والخوف المبالغ به من أنديته تجاه البارسا بجانب تواضع القدرات الدفاعية خاصة من الجانب التكتيكي للأغلب، إلا أنها تظهر بوضوح في المباريات الأوروبية خاصة أمام كبار القارة.
رجال بيب جوارديولا فشلوا في الفوز على الميلان خلال مواجهة دوري الأبطال وقد تضمن أداءهم أكثر من سلبية يجب الوقوف عندها والعمل على تفاديها في المباريات القادمة، هنا نذكرها:
1- اهتزاز العُمق الدفاعي.
إحدى أبرز سلبيات الفريق كانت اهتزاز عُمقه الدفاعي أمام الهجمات القليلة للميلان، ذلك بسبب غياب الثنائي الأساسي كارلس بويول وجيرارد بيكيه وبنظري أن غياب أحدهما فقط كان سيؤدي لنفس الاهتزاز لأن الفريق لا يمتلك المدافع البديل القادر على تعويض غياب أحدهما بالشكل المطلوب خاصة من ناحية السرعة والرقابة والضغط الدفاعي في التوقيت السليم.
تحدثت كثيرًا خلال أيام الميركاتو عن حاجة الفريق للتعاقد مع مدافع بديل من المستوى الثاني في أوروبا وعدم الاعتماد على مجموعة الوسط أو الظهير الأيسر "أبيدال" لشغل هذا المركز الحساس جدًا، ولكن جوارديولا وإدارة الفريق تجاهلت ذلك الأمر والنتيجة كانت اهتزاز الدفاع بقوة وإن لم يتم دعم ذلك المركز في يناير فالقادم قد يكون أكثر إزعاجًا لجماهير الفريق.
2- غياب الحسم أمام المرمى.
البارسا يمتاز بالأداء الجميل الممتع المعتمد على التمريرات القصيرة الكثيرة والمهارات الفردية والاختراق والانطلاق وتبادل المراكز، كل هذا جميل وممتع ويحظى بآهات الإعجاب من الجميع لكنه في النهاية لا يُسمن ولا يُغني من جوع في حال لم يُترجم لأهداف تحصد النقاط وتقود للبطولات.
أمام الميلان سيطر الفريق على جُل فترات المباراة خاصة في شوطها الثاني ولكنها كانت سيطرة سلبية إلى حد كبير بسبب غياب الحسم أمام المرمى والنتيجة هدفين فقط رغم أن المحاولات الهجومية كانت عديدة.
قد يقول قائل أن الدفاع الإيطالي كان صلبًا بما فيه الكفاية لمنع الفرص على مرمى أبياتي ... نعم، لكن كانت هناك فرص ولم ينجح الفريق في ترجمتها كما أن بعض المحاولات أفسِدت من نجوم البارسا أنفسهم خاصة داني ألفيش ودافيد فيا والبعض الآخر فسد بالمبالغة في التمرير والأداء الجماعي وغياب الحلول الفردية الحاسمة مثل التسديد من داخل أو خارج منطقة الجزاء.
3- ضُعف التعامل مع الكُرات الثابتة.
مشكلة ظهرت مرارًا وتكرارًا وأصبحت كابوسًا مزعجًا لدفاع البارسا وحارس مرماه وجماهير الفريق، أغلب الكرات الثابتة التي تُنفذ ضد الفريق تُشكل خطورة كبيرة على مرمى فالديس سواء كانت ركلات ركنية أو كرات ثابتة قريبة يتم تمريرها عرضيًا لداخل منطقة الجزاء.
المشكلة هنا تكمن في عاملين، الأول هو غياب اللاعبين أصحاب الأطوال المناسبة للتعامل مع مثل تلك الكرات والثاني هو افتقاد الفريق للتنظيم المثالي خلال تنفيذها من المنافس، والنتيجة خطورة كبيرة وأهداف مؤثرة قد تُضيع جهد الفريق بالكامل مثلما حدث أمام الميلان أمس، وإن كان هذا لا يعني أن الميلان لم يجتهد ولم يستحق التعادل.
4- غياب نظام الطوارئ.
تحدثت عنه في حلقة قديمة من مرايا، يمكن الوصول لها من هنا، وباعتقادي أن امتلاك البارسا له أصبح ضرورة مُلحة الآن خاصة في المباريات الأوروبية وأمام الفرق التي تُجيد الدفاع وتجعل مهمة الهجوم الكتالوني المعتاد معقدة للغاية.
أهمية ذلك اتضحت أمس بعدما عجز البارسا أمام الميلان في صناعة الكثير من الفرص بأسلوبه المعتاد ولم ينجح سوى بالاختراق المهاري لميسي أو التسديد من الكرة الثابتة لفيا.
نظام الطوارئ باختصار يعتمد على توفير أساليب هجومية مختلفة عن تلك المعتادة، أساليب مثل التسديد من بعيد والتمريرات العرضية وتواجد هداف قناص داخل منطقة الجزاء والتمريرات الطولية الهوائية التي تنقل الكرة من مناطق الدفاع للهجوم دون المرور للوسط، هي أساليب تُضيف لهجوم الفريق التنوع المطلوب خاصة في المواجهات القارية.
5- ضُعف التغطية على تقدم الأظهرة.
من الجميل أن تمتلك أظهرة تُقدم الكثير من الدعم للهجوم، ذلك لأنها تمتلك قدرات هجومية ممتازة سواء الانطلاق بالكرة أو التسديد أو التمرير العرضي أو المشاركة في الهجمة الجماعية، ولكن الأهم أن تمتلك تغطية دفاعية ممتازة تحمي الفريق من تقدم تلك الأظهرة.
البارسا يمتلك داني ألفيش يمينًا وبلال أبيدال يسارًا والثنائي يتقدم كثيرًا ولكن هذا يُكلفهما مساحات كبيرة في نصف ملعب البارسا، البعض قد لا يُجيد استغلالها لكن البعض الآخر يُجيد تمامًا بتحرك لاعبيه المهاجمين في تلك المساحات وتمرير الكرة طوليًا وهوائيًا لهم حتى لا تُقطع من الخطوط المتوالية لهجوم ووسط البارسا والتي تضغط دفاعيًا بقوة لاستعادة الكرة وقت فقدانها.
ما يجعل التغطية الدفاعية متواضعة اعتماد الفريق على محور دفاعي واحد يلعب في عُمق الوسط وهو سيرخيو بوسكيتش، هنا من الصعب على الإسباني أن يتحرك يمينًا ويسارًا ليغطي على الظهيرين وإن فعل سيترك ثغرة يسهل اختراقها في العمق، ولهذا على الفريق إما تأمين الدفاع بمحور إضافي أو منح التعليمات للظهيرين بثبات أحدهما عند تقدم الآخر.