براءة الطفولة وسحرها بقلم

براءة الطفولة... وسحرها بقلم : تمام قطيش






براءة الطفولة... وسحرها

تمام محمد قطيش

حياتنا حديقة واسعة مليئة بالورود والأزهار الرائعة بألوانها والساحرة بعبيرها، ورود تحمل الشذى الزكي تتخللها بعض الأشواك الجارحة لكننا لا نستغني عنها ، والأطفال هم زهور الحياة وورودها وهم هبة عظيمة ونعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالى منحنا إياها لنحقق بها سنن الحياة و لتزهو بها أيامنا بدءاً من لحظة ولادتهم بصخبهم وهدوئهم..وصفائهم وكدرهم وما أروع الأذواق السليمة عندما تعتبر ما يطلقه الرضيع سيمفونية فريدة وحركاته وانفعالاته عالم عجيب يعكس صنعة الله الذي أتقن كل شيء . طفولة جذابة ساحرة أودع الله فيها أسراره فإعجاز هذه المرحلة لا تخفى إلا على جاحد. ، بالرغم من أن هذه المرحلة هي الأكثر تعباً للأم ذلك أن الطفل لا يستطيع أن يعبر عن ما به وهي من عليه اكتشاف ذلك إلا أنها تعد من أجمل وأحلى الفترات ، والصحيح أن هذه المرحلة تختلف في درجات جمالها من أم إلى أخرى كما أنها تختلف من طفل إلى آخر ، ذلك أن تصرفات الأطفال لا تتشابه في كثير من الأحيان فهناك من الأطفال من تجده قريبا جداً من القلب لروعة تصرفاته وحركاته وهدوئه،وهناك من تغلب عليه الحركية والمشاغبة ويتطلب الجهد الكبير لرعايته لكن سر حنانها يجعلها تقبل على كل هذا برضاء كبير

الأطفال يمنحونا ابتسامة صافية رقيقة عذبة بفضل مشاغباتهم الفريدة التي تصدر منهم بعفوية وعادة ما تكون لها تأثير رائع يدغدغ مشاعرنا وأحاسيسنا،وأجمل تصرفات الطفل عادة ما تكون بين سن الثانية والسادسة فيكون فيها متميزاً بطريقة كلامه و بتقليده لتصرفات الأشخاص من حوله كأخوته وأترابه، أمّا إذا كان الطفل هو الأول سيقوم بتقليد من هم أقرب له سواء كانت الأم أو الأب أو أحد المقربين ، لكن على الأغلب تكون الأم هي قدوته ومثله في كل تصرفاته كونها الأقرب منه على الدوام فتكون محطّ اهتمامه ، حتى قد يشعر الطفل أحياناً بغيرة شديدة من والده لو تبين له أن الأم قد انشغلت عنه به ، وذات الشيء يحدث عندما يكون لديه أخوة ويجد أن أمه مهتمة بغيره فيحاول أن يجذب الأنظار إليه بشتى الطرق حتى ولو أدى به الأمر أن يؤذي نفسه.

الطفولة صفحات من كتاب حياتنا وهى مدخل هذا الكتاب ولها إسهامات كبيرة في تحديد عنوانه وقيمته وجودته هي صفحات رصيدها جمال الكلمات وعذب المعاني وملامحها الأمل والفرح والسرور لم تتأت عن دراسة أو خبرة بل انسيابية غذتها الفطرة وأنتجها الذهن الصافي البريء . فالطفل يجدد ربيعه دائماً بابتسامته العذبة أو قهقهته المتألقة تلك الابتسامة التي تحمل في طياتها تفسيرات سامية للحب والبراءة والإحساس الصادق الخالي من كل زيف فيمنح الأمل لمن يشاركه هذه الابتسامة ، مع الطفل تشعر بإحساس ممتع وأنت تلاعبه ،فلاعب ومازح أطفالك... أطفال غيرك..أطفال غرباء لا تعرفهم لا تربطك بهم صلة تراهم للمرة الأولى، طفلا في الحافلة أو سوبر ماركت...أو أي مكان آخر تلتقي فيه بطفل،إن لم تسعك المداعبة فلن تعدم ابتسامة تطلقها في وجهه.. شيء رائع أن يحبك الأطفال والأروع أن يجدوا فيك ملاذهم وسكنهم...دلالات كبيرة أن يركن إليك الأطفال ويقبلون عليك دون إدبار.

الحب شعور يعطينا السعادة ويملأ قلوبنا بالنشوة ولكن الطفل ذاك النور المشرق الدافئ هو من يهدي إلينا هذه السعادة فيجعلنا نعشق كل بسمة ترتسم على ثغره، أو من خلال صوته الضاحك الذي يكون أشبه بصوت نهر متدفق بعذب المياه الصافية التي تروي عطش وظمأ القلب ، إنه ذاك البرعم الطريّ الذي يفتح يديه وقلبه للحياة والمستقبل بتفاؤل دون خوف أو وجل ذاك لأنه نبتة طاهرة من أعماق وجودنا ،لا ترعى هذه النبتة ويعتني بها ويغذيها إلا مصدر واحد منبعه قلب الأم وتدبيرها الذي قد يجعل من قبضته

فيما بعد قوة تقرع باب الإبداع والحرية والاستقرار ولأن كل طفل هو في حد ذاته مبدع وفنان لكنه يلزمه الإحساس بالأمان ومن يكتشف نقطة الإبداع فيه فيوجهه ويدعمه ويساعده عن طريق بعض النشاطات لينمي ما يكمن فيه من مواهب.

إننا مدعوون اليوم أباء وأمهات مربين ومسيرين وهيئات إشراف إلى مساعدة الطفل حتى يسكب إبداعاته في جراب شبابه المرتقب وعلينا أن نستنفذ كل السبل العلمية لإخراج مواهبه وتوجيهها الوجهة الحسنة فكم من طفل تدرج بمواهبه وإبداعاته المحبوسة من مرحلة الطفولة إلى الشباب والكهولة فالشيخوخة ثم رحل ورحلت معه دون أن تفيده أو يستفيد منها هو والمجتمع .

الطفولة شمعة تنير لنا حياتنا ونستنير بها لأنها تضيء لنا سبلنا وتدفعنا للخروج من الأنفاق المعتمة إلى النور، لذا أنا أرى أنها هبة نوعية ونور للحياة المليئة بشتى المنغصات والآلام .

وختاماً إليك أيها الطفل الرائع أجمل الكلمات وأصفاها أقولها لك\" لازم ابتسامتك المشرقة وعانقها على الدوام لأنها بوابة الحب والصفاء والنقاء\"..طبت يا أبهى وأغلى مافي الوجود وطابت أيامك ولياليك ،فأنت السعادة بعينها ولأنت النسيم الذي ينعشنا ...إنك أنت ...أنت...زهرة الحياة.

وإلى جميع الأطفال لكم من قلبي الذي يهواكم على الدوام أرق تحية وأزكى سلام.